أخبار

قانوني يوضح لـ ”أثير“: كيف نجحنا في تحسين موقعنا في مؤشر مدركات الفساد العالمي؟

سلطنة عمان

أثير - مـحـمـد الـعـريـمـي

تقدمت سلطنة عُمان 20 مركزًا في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024م، إذ وضعت منظمة الشفافية سلطنة عُمان في المرتبة الـ 50 عالميًا من بين 180 دولة، والرابعة عربيًا.

في هذا الحوار الخاص مع الأستاذ الدكتور راشد بن حمد البلوشي، أستاذ كرسي حكم القانون ومكافحة الفساد بكلية الحقوق في جامعة السلطان قابوس، نستعرض أبرز الإصلاحات والتشريعات التي أسهمت في تحقيق هذا التقدم وانعكاساته الإيجابية، إضافة إلى الخطط المستقبلية لمواصلة هذا المسار.

الأستاذ الدكتور راشد بن حمد البلوشي

- ما الخطوات الحكومية التي قادت إلى هذا التقدم اللافت؟

أوضح الأستاذ الدكتور بأن سلطنة عمان تبنّت مجموعة من المبادرات والتدابير التي عززت الشفافية والمساءلة، وأسهمت في تحسين فعالية المؤسسات الحكومية، ومن بين هذه التدابير، الإفصاح المالي ونشر البيانات الحكومية، إلى جانب جهود جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، الذي أصدر ملخص المجتمع في الفترة الماضية؛ ما كان له أثر إيجابي في تعزيز الشفافية. كذلك، المؤتمر الصحفي الدوري للادعاء العام، الذي يكشف فيه عن البيانات والأرقام المتعلقة بجرائم المال العام، ويعكس التزام الدولة بالشفافية والمحاسبة.

وأشار إلى أن سلطنة عمان تولي اهتمامًا بنشر ثقافة مكافحة الفساد وتعزيز الوعي بالاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لعام 2003م والتي تعدّ السلطنة عضوًا فاعلًا فيها، ومن المبادرات المهمة في هذا السياق، إنشاء كرسي أكاديمي لحكم القانون ومكافحة الفساد بجامعة السلطان قابوس، بالتعاون مع أجهزة الأمم المتحدة، والذي يهدف إلى توعية الطلاب والمجتمع بأهمية الشفافية والنزاهة.

- كيف أسهم التعاون بين المؤسسات في ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة؟

أكّد الأستاذ الدكتور بأن هناك تعاونا وثيقا بين مختلف الجهات الحكومية، بما في ذلك الأجهزة الأمنية والقضائية، إضافةً إلى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، وهذا التكامل المؤسسي ساعد في تعزيز الأنظمة الرقابية والإفصاح المالي، ما كان له دور كبير في تحسين مؤشر مدركات الفساد.

وبيّن: على الصعيد الدولي، عززت سلطنة عمان تعاونها مع منظمة الشفافية الدولية والمؤسسات الإقليمية المعنية بمكافحة الفساد، كما عملت على تطوير منظومتها التشريعية لتسريع الإجراءات القضائية في قضايا الفساد، مما انعكس إيجابًا على ترتيبها في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، حيث تقدمت من المرتبة 70 إلى 50 عالميًا، واحتلت المركز الرابع عربيًا.

- ما أبرز القوانين والتشريعات الحديثة التي عززت مكافحة الفساد؟

قال الأستاذ الدكتور بأن سلطنة عمان أجرت مراجعات شاملة للعديد من القوانين والسياسات الاقتصادية، بهدف توفير بيئة قانونية أكثر شفافية وعدالة، بما يعزز مناخ الاستثمار. كما شهد العام الماضي إصدار قوانين جديدة، مثل قانون المحاماة وتنظيم مهنة المحاماة، بالإضافة إلى قانون حماية الودائع المصرفية وقانون العمل الجديد الصادرين في 2024م، حيث تؤدي هذه القوانين دورًا مهمًا في مكافحة الفساد وتحسين المؤشرات المتعلقة بالشفافية.

إضافة إلى ذلك، قام جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بتنفيذ برامج توعوية لتعزيز كفاءة استخدام الموارد، وذلك في إطار رؤية عمان 2040، التي تستهدف إدراج سلطنة عمان ضمن أفضل 20 دولة في مؤشر مدركات الفساد بحلول عام 2040. والتقدم الذي تحقق في 2024 هو خطوة ملموسة تعكس المسار الصحيح نحو تحقيق هذا الهدف.

- ما الخطط القادمة لتطوير التشريعات وضمان بيئة أكثر نزاهة؟

ذكر الأستاذ الدكتور بأن سلطنة عمان تعمل بصورة مستمرة على تطوير تشريعاتها لتعزيز النزاهة، من خلال المبادرات والخطط الإستراتيجية، ومن بين هذه المبادرات، الخطة الوطنية لتعزيز النزاهة، التي أطلقها جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، وتهدف إلى إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في جهود مكافحة الفساد عبر برامج توعوية وتدريبية، إلى جانب تطوير الآليات الرقابية لضمان الفعالية.

وتطرق الأستاذ الدكتور إلى التقرير الذي ذكرت فيه صحيفة “إيكونومي” أن رؤية عمان 2040 تركز على تطوير النظام التشريعي والقضائي، بهدف إنشاء منظومة قانونية مرنة وشفافة تدعم التنمية المستدامة، ومن المتوقع أن يسهم هذا التطوير في تحسين موقع سلطنة عمان في مؤشر مدركات الفساد خلال السنوات المقبلة، مما يعزز جاذبية بيئة الاستثمار.

- إلى أي مدى يمكن أن يؤثر الإفصاح الحكومي عن البيانات في تعزيز الشفافية والثقة العامة؟

أجاب الأستاذ الدكتور قائلًا: إفصاح الجهات المختلفة عن البيانات يعزز الثقة بين الحكومة والجمهور، حيث يشعر المواطنون بالطمأنينة عندما تكون المعلومات الحكومية متاحة بوضوح. كما يسهم ذلك في تمكين المشاركة المجتمعية، إذ يتيح للأفراد والمؤسسات المدنية اتخاذ قرارات مستنيرة استنادًا إلى بيانات دقيقة.

وأضاف: علاوة على ذلك، يؤدي الإفصاح المنتظم إلى تعزيز الرقابة الشعبية، ما يدعم جهود مكافحة الفساد، ويدفع مؤسسات الدولة نحو تقديم أداء أكثر كفاءة. كل هذه العوامل تعزز الشفافية، وتسهم في بناء بيئة أعمال مستقرة وجاذبة للاستثمار، وهو ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد العماني بصورة عامة.

Your Page Title