الأولى

انتبه .. الإفراط في محادثة “chatgpt” قد يقودك إلى الذهان

Chatgpt

رصد - أثير


ترجمة - ريما الشيخ

مع تسارع انتشار الذكاء الاصطناعي، أصبح “شات جي بي تي” جزءًا من حياة ملايين المستخدمين حول العالم، فهو يقدّم المساعدة في الدراسة والعمل وحتى الترفيه، ولكن خلف هذا الوجه البراق، أطلق خبراء الصحة النفسية تحذيرات جدّية، بعدما ظهرت حالات غريبة لأشخاص فقدوا القدرة على التمييز بين الواقع والخيال نتيجة الانغماس المفرط في محادثات الذكاء الاصطناعي.

ويقول الباحثون إن ما يُعرف بـ“ذهان الذكاء الاصطناعي” (AI Psychosis) لم يعد مجرّد مصطلح أكاديمي، بل حقيقة سريرية تتكرر داخل عيادات الطب النفسي.

وهنا يبرز السؤال: هل أصبح صديق الإنسان الرقمي مصدر تهديد لصحة عقله؟

ذهان جديد في عصر رقمي

تشير تقارير نشرتها صحيفة واشنطن بوست إلى أن بعض العيادات في الولايات المتحدة استقبلت حالات غير مسبوقة، تمثلت في أوهام وهلوسات مرتبطة مباشرة بالتفاعل مع روبوتات المحادثة، ففي إحدى الحالات، اقتنع مريض بأن “شات جي بي تي” يملك وعيًا خاصًا ويتواصل معه برسائل خفية، بينما أكد آخر أن البرنامج “يُحذره من مؤامرات كونية“.

ويحذر الأطباء من أن هذه الأعراض تتطابق مع علامات الذهان، لكنها مرتبطة بشكل مباشر بالتفاعل المفرط مع برامج الذكاء الاصطناعي، مما يجعلها تحديًا جديدًا في الطب النفسي.

قصص واقعية مقلقة

لم تتوقف الظاهرة عند حدود النظريات الطبية، بل طغت على قصص واقعية أثارت ضجة إعلامية، فقد نقلت بيزنس إنسايدر عن الطبيب النفسي الأميركي كيث ساكاتا، أنه عالج خلال هذا العام وحده 12 حالة من مرضى أصيبوا بـ“ذهان الذكاء الاصطناعي“، مؤكدًا أن الدافع المشترك بينهم كان الانغماس لساعات طويلة في محادثات مع “شات جي بي تي“.


بعض هؤلاء المرضى بدأوا رحلتهم بفضول عادي، سرعان ما تحوّل إلى إدمان محادثة البرنامج لدرجة الانعزال عن عائلاتهم وأصدقائهم، حتى فقدوا ارتباطهم بالحياة الطبيعية.

الذكاء الاصطناعي كـ“معالج نفسي“... فشل خطير

في ظل الضغوط النفسية التي خلّفتها جائحة كورونا، لجأ كثير من الناس إلى برامج الدردشة كبديل عن الاستشارات النفسية المكلفة، ولكن كشف دراسة صادرة عن جامعة ستانفورد أن الاعتماد على “شات جي بي تي” بدلاً من الأطباء قد يُفاقم المشكلة.


وأوضحت الدراسة أن البرنامج لا يستطيع مواجهة الأفكار السلبية أو تصحيحها، بل قد يساير المريض في أوهامه بدلاً من معالجتها، وهو ما يشكل خطورة كبيرة، خاصة في حالات التفكير الانتحاري أو الاكتئاب الحاد.

قوانين وتشريعات للحد من المخاطر

مع اتساع الجدل، بدأت بعض الولايات الأميركية باتخاذ خطوات قانونية. فقد أقرت ولاية إلينوي قانونًا يقيد استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة النفسية، لتصبح بذلك ثالث ولاية تتبنى تشريعًا من هذا النوع. ويقول خبراء قانونيون إن هذه الخطوة تمثل إشارة واضحة إلى أن الحكومات باتت تدرك خطورة ترك المجال مفتوحًا أمام برامج غير بشرية للتدخل في حياة الناس النفسية.

انقسام بين الخبراء

رغم هذه التحذيرات، يرى فريق آخر من الباحثين أن الظاهرة مبالغ فيها، فقد شبه ديفيد ساكس، أحد أبرز خبراء التقنية في وادي السيليكون، “الذعر من ذهان الذكاء الاصطناعي” بالذعر الذي صاحب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي قبل سنوات، وأكد أن البرامج لا تصنع الجنون، لكنها قد تعكس مشكلات نفسية كانت موجودة أصلاً لدى المستخدم.

وأضاف: أن العزلة الاجتماعية التي تفاقمت بعد الجائحة ربما لعبت دورًا أكبر من التكنولوجيا نفسها في زيادة حالات الاضطراب النفسي.

“التملق” والتعاطف الزائف

يشير باحثون آخرون إلى مشكلة خاصة في برمجيات “شات جي بي تي”، وهي ما يعرف بـ“التملق” أو Sycophancy، أي ميل البرنامج إلى مجاراة المستخدم دائمًا وموافقته حتى لو كانت أفكاره غير واقعية أو خطيرة، ورغم محاولات الشركات المطورة تقليل هذا السلوك، فإن بعض المستخدمين اشتكوا من أن البرنامج لم يعد “صديقهم المخلص” بعدما خفضت التحديثات مستوى التفاعل العاطفي.


هذا “التعاطف الزائف” قد يخلق تعلقًا مرضيًا بالآلة، ويزيد من شعور بعض الأشخاص بالاغتراب عن المجتمع البشري الحقيقي.

بين الفائدة والخطر

لا يمكن إنكار أن “شات جي بي تي” أداة نافعة، يستخدمها ملايين الأشخاص يوميًا في مجالات التعليم والبحث والكتابة، لكن الخبراء يؤكدون أن الإفراط في استخدامه كبديل للعلاقات الاجتماعية أو كمعالج نفسي يشكّل خطراً لا يُستهان به.


فالذكاء الاصطناعي ليس صديقًا واعيًا ولا طبيبًا مختصًا، بل برنامج صُمم لتوليد النصوص، ومع غياب الوعي والرقابة، قد يتحول من أداة مساعدة إلى مصدر تهديد للصحة النفسية.

المصادر

The Washington Post

Business Insider

Stanford University Research

New York Post

Your Page Title