رصد – أثير
إعداد: ريما الشيخ
في ظل التحول الرقمي المتسارع، لم تعد حياة الإنسان تنتهي عند حدوده المادية فقط، بل بات لكل فرد إرث رقمي يمتد عبر حساباته وبياناته ومحتواه الإلكتروني، ليطرح هذا المفهوم نفسه بوصفه إحدى القضايا الحديثة التي تتقاطع فيها التكنولوجيا مع القانون والخصوصية والحقوق، خصوصًا مع تزايد الاعتماد على الهواتف الذكية بوصفها الوعاء الأوسع لهذا الإرث.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: ماذا يحدث لكل ما نملكه رقميًا بعد الوفاة؟ وهل يقتصر الإرث الرقمي على الحسابات الإلكترونية فقط، أم يشمل الهاتف الذكي نفسه بكل ما يحتويه؟
ما المقصود بالإرث الرقمي؟
يُقصد بالإرث الرقمي جميع البيانات والمحتويات الإلكترونية التي يتركها الشخص بعد وفاته، وتشمل حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، والملفات المخزنة سحابيًا، والصور ومقاطع الفيديو، والمواقع الإلكترونية، والأصول الرقمية، إضافة إلى المحتوى المخزن داخل الهواتف الذكية من رسائل وملاحظات وملفات وتطبيقات.
الهاتف الذكي.. قلب الإرث الرقمي
لم يعد الهاتف الذكي مجرد وسيلة اتصال، بل أصبح المستودع الأهم للإرث الرقمي، إذ يحتوي على تفاصيل الحياة اليومية للفرد، من صور شخصية ومقاطع فيديو، ومحادثات نصية وصوتية، وملاحظات خاصة، وملفات عمل، وتطبيقات مالية وبيانات صحية، ما يجعله أحد أكثر عناصر الإرث الرقمي حساسية وتعقيدًا بعد الوفاة.
كيف يتحول الهاتف إلى إرث رقمي؟
بعد وفاة صاحب الهاتف، يواجه ذوو المتوفى تحديات كبيرة في الوصول إلى محتوى الجهاز، خصوصًا مع أنظمة التشفير وكلمات المرور وتقنيات الحماية، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان محتوى رقمي ذي قيمة عاطفية أو عملية، في حال عدم وجود ترتيبات مسبقة أو أدوات رسمية لإدارة هذا الإرث.
أمثلة على الإرث الرقمي داخل الهاتف
- صور ومقاطع فيديو عائلية غير محفوظة في أي مكان آخر
- رسائل ومحادثات صوتية تحمل قيمة عاطفية أو قانونية
- ملاحظات شخصية أو مهنية محفوظة على الجهاز
- ملفات عمل مخزنة محليًا أو عبر التخزين السحابي
- تطبيقات بنكية أو محافظ رقمية مرتبطة بصاحب الهاتف
حسابات التواصل الاجتماعي بعد الوفاة
تُعد حسابات التواصل الاجتماعي جزءًا رئيسيًا من الإرث الرقمي، إذ تتيح بعض المنصات خيارات مثل تحويل الحساب إلى حساب تذكاري أو حذفه نهائيًا بناءً على طلب رسمي، ما يثير تساؤلات تتعلق بحدود الخصوصية وحق الورثة في الوصول إلى المحتوى أو إدارته.
الأصول الرقمية والحقوق المالية
لا يقتصر الإرث الرقمي على الذكريات، بل يشمل أصولًا ذات قيمة مالية، مثل المحافظ الرقمية والعملات المشفرة وحقوق المحتوى المنشور، حيث قد يؤدي فقدان بيانات الدخول أو مفاتيح الوصول إلى ضياع هذه الأصول بشكل نهائي.
الإرث الرقمي في هواتف iPhone (آيفون)
توفر شركة Apple ميزة رسمية تُعرف باسم Digital Legacy، تتيح للمستخدم تحديد شخص أو أكثر للوصول إلى بياناته بعد الوفاة.
الخطوات:
- الدخول إلى الإعدادات (Settings)
- اختيار Apple ID
- الدخول إلى Password & Security
- اختيار Digital Legacy
- تحديد جهة اتصال للإرث الرقمي
- مشاركة مفتاح الوصول (Access Key)
وتتيح هذه الميزة الوصول إلى الصور والفيديوهات والملاحظات والملفات والنسخ الاحتياطية على iCloud، دون الوصول إلى كلمات المرور أو وسائل الدفع.
الإرث الرقمي في هواتف Android (أندرويد)
يعتمد نظام Android على حساب Google المرتبط بالجهاز، من خلال أداة Inactive Account Manager.
الخطوات:
- الدخول إلى Google Account
- اختيار Data & Privacy
- تفعيل Inactive Account Manager
- تحديد مدة عدم النشاط
- اختيار شخص أو أكثر للوصول
- تحديد نوع البيانات المسموح بمشاركتها
وتشمل البيانات صور Google Photos، ورسائل Gmail، وملفات Google Drive، وبعض بيانات التطبيقات المرتبطة بالحساب.
ماذا يحدث في حال عدم التخطيط مسبقًا؟
- في حال عدم تفعيل أي من أدوات الإرث الرقمي:
- قد يُغلق الهاتف نهائيًا بسبب التشفير
- قد تضيع الصور والملفات غير المحفوظة
- قد تُحذف الحسابات بعد فترة من عدم النشاط
- قد تواجه العائلة صعوبات قانونية في طلب الوصول إلى البيانات
الوصية الرقمية.. حل قانوني ناشئ
برز مفهوم الوصية الرقمية كأداة يحدد فيها الشخص مسبقًا كيفية إدارة أصوله الرقمية، ومن يحق له الوصول إليها، في ظل غياب تشريعات واضحة في العديد من الدول، إذ تتيح هذه الوصية تنظيم التعامل مع الحسابات والبيانات والملفات الإلكترونية بعد الوفاة، وتساعد على تقليل النزاعات القانونية بين الورثة، كما تسهم في حماية الخصوصية وضمان تنفيذ رغبات صاحب البيانات بشأن الحفظ أو الحذف أو نقل الملكية الرقمية.
المصادر:
- Apple
- Electronic Frontier Foundation (EFF)
- منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)
- المفوضية الأوروبية

