أثير- تاريخ عمان
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
كان يوم الحادي والثلاثين من أغسطس عام 1974م يومًا مشهودًا في مطار السيب الدولي (مسقط حاليًا)؛ ففي تمام الساعة الواحدة تمامًا وصلت طائرة (الكونكورد) العملاقة في نطاق زيارتها للشرق الأوسط وسنغافورة ضمن برنامج الطيران التجريبي والاستعراض الذي تقوم به لمعرفة مدى تأثير الحرارة والرطوبة عليها، وهي الرحلة الأولى لما وراء البحار التي تقوم بها الطائرة في مستواها الإنتاجي النهائي، إذ كان نموذج آخر من هذه الطائرة قد زار طهران وسنغافورة في شهر يوليو 1972م.
وكان في استقبال الطائرة عند هبوطها في المطار عدد من الشخصيات ورجال الإعلام من بينهم: السيد ماجد بن تيمور، والسيد حمد بن حمود، ومعالي الشيخ الوليد بن زاهر، ومعالي قيس بن عبد المنعم، ومعالي محمد بن الزبير، وعدد من السفراء، ورجال الأعمال، وجمع من المواطنين.
دعوة إلى ركوب الطائرة
وجّهت الشركة المسؤولة عن الطائرة دعوة للحضور من مسؤولين ورجال أعمال ورجال صحافة وإعلام لركوب الطائرة في رحلة طيران تجريبية فوق المحيط الهندي استغرقت ساعة ونصف الساعة تم خلالها تقديم شرح مفصّل عن حمولة الطائرة، وسرعتها، ومدى طيرانها وارتفاعها، وميزاتها.
وقد انطلقت الرحلة في الساعة الثالثة و23 دقيقة، وهبطت في تمام الساعة الرابعة و42 دقيقة.
هدية للسلطان قابوس
بعد عودة الطائرة من جولتها القصيرة وهبوطها مرة أخرى على أرض المطار، قدّم نائب مدير عام الشركة البريطانية السير جيفري تاينل هدية رمزية من الشركة إلى السلطان قابوس بن سعيد- طيّب الله ثراه- بهذه المناسبة التاريخية عبارة عن صقر مصنوع من الفضة، وقد تسلم الهدية سمو السيد حمد بن حمود وزير شؤون الديوان السلطاني وقتها.
مؤتمر صحفي
قام جيفري تاينل نائب مدير الشركة البريطانية مالكة الطائرة، وممثل الشركة الفرنسية المشتركة في صنع الطائرة، والمستر براين ترابشو ربّان الطائرة بعقد مؤتمر صحفي في قاعة التشريفات بمطار السيب الدولي إثر هبوط الطائرة في المطار، تحدثوا فيه عن ميزات الطائرة وتكاليفها وسرعتها وبرامجها المقبلة.
وقد أوضح المتحدثون أهداف زيارة الطائرة للمنطقة ومنها القيام بطيران تجريبي في ظروف الحرارة والرطوبة التي تتميز بها منطقة الخليج العربي، ثم مشاهدة المسؤولين والشعب لهذه الطائرة العملاقة والتقدم الذي أحرزه علم الطيران الحديث في الغرب.
ويبلغ ارتفاع الطائرة (37) قدمًا، أي حوالي (11) مترا، وهي تتسع لعدد من الركاب يتراوح بين 104 و128 راكبًا، وسرعتها 2 ماخ، أي ما يعادل 1350 ميلًا في الساعة، وتطير على ارتفاع 60 ألف قدم، وأقصى حمولة لها عند الإقلاع 181 طنا.
المغادرة
في تمام الساعة السادسة وخمس دقائق أقلعت (الكونكورد 2) من مطار السيب بعد أن خاض الحضور تجربة ركوب طائرة بضعف سرعة الصوت وهي تجربة بقيت في أذهانهم طويلًا.
تغطيات صحفية
نظرًا لأهمية الحدث، وحضور عدد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، فقد قام عدد من وسائل الإعلام بتغطية أحداث هبوط طائرة الكونكورد 2، وسرد تفاصيل الزيارة كما نلاحظ في بعض التغطيات الصحفية الآتية:
وفي ملف منشور ضمن وثائق الأرشيف الرقمي للخليج العربي، ويحمل رقم (FCO 8/2225)، ويغطي الفترة من الأول من يناير إلى الحادي والثلاثين من ديسمبر 1974م، ويتعلق بالمساعدات التنموية من المملكة المتحدة لسلطنة عُمان، هناك وثيقة تتناول زيارة طائرة من طراز كونكورد إلى مطار السيب الدولي في الحادي والثلاثين من أغسطس 1974م، وبها قائمة المدعوين لزيارة الطائرة ومن بينهم السيد ماجد بن تيمور، والسيد حمد بن حمود، والسيد سالم بن ناصر البوسعيدي، والشيخ وليد بن زاهر الهنائي، وقيس بن عبد المنعم الزواوي، وعبد الحافظ بن سالم بن رجب، ومحمد بن الزبير، ويحيى بن محمد نصيب، وعبد الله بن موسى عبد الرحمن، وسفراء فرنسا وإيران لدى سلطنة عمان، والقائم بالأعمال البريطاني، وعدد آخر من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية.
مشروع الكونكورد
ومشروع الكونكورد هو مشروع بريطاني فرنسي مشترك انطلق في 29 نوفمبر 1962م عندما اتفقت بريطانيا وفرنسا على إنتاج طائرات الركاب فوق الصوتية، وبدأت شركتا بريتش اير كرافت كوربوريشن الإنجليزية مع شركة ايرو سباسيال الفرنسية في وضع المشروع قيد التنفيذ على مدى حوالي عامين ونصف، وقد بدأ الإنتاج في فبراير عام 1965م في مدينتي فيلتون البريطانية وتولوز الفرنسية بمشاركة حوالي 7500 مهندس وخبير وعامل في كل مصنع من المدينتين، وقد طارت النسخة الفرنسية من الطائرة لأول مرة يوم 2 مارس 1969م، بينما تلتها نظيرتها البريطانية في الطيران يوم 9 أبريل من العام نفسه.
المراجع
- الأرشيف الرقمي الخليجي. ملف بعنوان المساعدات التنموية من المملكة المتحدة لسلطنة عُمان، (FCO 8/2225).
- جريدة عمان. الطبعة 95، 7 سبتمبر 1974، دار جريدة عمان، مسقط، سلطنة عمان.
- مجلة العقيدة. عدد سبتمبر 1974، دار العقيدة، مسقط، سلطنة عمان.