مسقط - أثير
في ظل التحولات المتسارعة في سوق العمل وتزايد الحاجة إلى التوجيه المهني المبني على أسس علمية وتقنية، أعلن البرنامج الوطني للتشغيل عن إطلاق الحزمة الثانية من الخدمات في منصة ”خُطى للإرشاد المهني“، أول منصة وطنية إلكترونية متخصصة في التوجيه الوظيفي في سلطنة عُمان.
تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تمكين الشباب العُماني من اتخاذ قرارات أكاديمية ومهنية مدروسة، وتعزيز جاهزيتهم لسوق العمل من خلال أدوات حديثة تعتمد على التحليل المهني الدقيق والذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع مهارات المستقبل ورؤية عُمان 2040.

شهدت منصة ”خُطى“ منذ تدشينها إقبالًا متزايدًا، حيث بلغ عدد مستخدميها حتى نهاية يونيو الماضي أكثر من 26,300 مستخدم، وتضم المنصة اليوم 861 برنامجًا أكاديميًا و 263 شهادة احترافية، إلى جانب أكثر من 100 دورة تدريبية بالتعاون مع منصة كورسيرا العالمية، استفاد منها أكثر من 2,400 شاب وشابة.

وقال الدكتور بدر بن حمود الخروصي، مستشار ورئيس مسار بناء القدرات في البرنامج الوطني للتشغيل والمشرف العام على المنصة، إن ”خُطى“ أصبحت أداة فاعلة في تعزيز المواءمة بين التعليم واحتياجات سوق العمل، من خلال تقديم خدمات إرشاد مهني متطورة تتجاوز الأساليب التقليدية، وتعتمد على حلول تقنية تواكب العصر وتستهدف شريحة واسعة من المستفيدين.
وأشار إلى أن المنصة جاءت كإحدى المبادرات الاستراتيجية للبرنامج الوطني للتشغيل ضمن محور رفع كفاءة الإرشاد المهني، وجاء تطويرها نتيجة شراكة متكاملة بين القطاعين العام والخاص، بمشاركة مؤسسات رئيسية مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل ومؤسسات التعليم العالي، إلى جانب مؤسسات القطاع الخاص.
وأكد أن المنصة حظيت بإشادة دولية، حيث تضمن تقرير المهارات الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير الماضي إشادة خاصة بمنصة ”خُطى“ ودورها في تمكين الشباب العُماني وتأهيلهم لسوق العمل.

وتضمنت الحزمة الثانية من خدمات المنصة أدوات جديدة تهدف إلى تحسين تجربة المستخدم، أبرزها ”الخطة الدراسية“ المخصصة لطلبة المدارس، خاصة الصف العاشر، حيث تساعدهم في اختيار المواد الدراسية المناسبة لمساراتهم الأكاديمية والمهنية وفق ميولهم وقدراتهم ومتطلبات القبول الجامعي.
كما أطلقت المنصة ”مقياس السمات الريادية“، وهي أداة مقننة على البيئة العُمانية تساعد الطلبة في تقييم قدراتهم على ريادة الأعمال، إلى جانب ”مساعد خُطى للذكاء الاصطناعي“، الذي يقدم توصيات مهنية مخصصة بناءً على بيانات المستخدمين.
وفي بادرة تعكس التزام المنصة بتحقيق تكافؤ الفرص، تم تدشين ”مقياس الميول المهنية لذوي الإعاقة البصرية“، وهو الأول من نوعه في سلطنة عُمان، لمساعدة هذه الفئة على استكشاف خياراتهم الأكاديمية والمهنية بطريقة مناسبة لقدراتهم.
كما واصلت المنصة تقديم خدماتها الأساسية مثل ”دراستي“، التي تتيح قاعدة بيانات متكاملة عن التخصصات ومتطلبات القبول في مؤسسات التعليم العالي، و”مهنتي”، التي تقدم معلومات تفصيلية عن طبيعة الوظائف والمسؤوليات المطلوبة في مختلف المجالات.
إلى جانب ذلك، توفر المنصة خدمة ”مهارات المستقبل“ التي تتيح للمستخدمين الالتحاق ببرامج تدريبية تقنية وريادية حديثة، ترتبط بالإطار الوطني لمهارات المستقبل، بالشراكة مع منصة ”كورسيرا“. كما تُقدم تدريبات متخصصة في المهارات الأساسية والتقنية لتأهيل الشباب لمسارات التوظيف، إضافة إلى مصادر وكتب وأدوات دعم مهني، مثل مقياس الميول المهنية، أداة إعداد السيرة الذاتية، وخدمة الاستشارات المهنية الفردية.

وقد لاقت المنصة إشادة واسعة من الطلبة وأولياء الأمور. الطالبة مريم الحاتمية قالت إن ”خُطى“ سهلت عليها اختيار تخصصها الأكاديمي ومعرفة المواد المطلوبة، في حين أكدت الطالبة غيداء البوسعيدية أن المنصة ساعدتها في تعديل خطتها الدراسية بناء على أدوات تحليلية دقيقة.
ومن جانب آخر، أوضح الطالب محمد البلوشي أن خدمة ”الخطة الدراسية“ ساعدته على تصور مساره الأكاديمي بوضوح، بينما قالت الطالبة أسماء الحارثية إن مساعد الذكاء الاصطناعي وجهها لتطوير المهارات الأكثر طلبًا في سوق العمل.
وأشار الطالب علي العامري إلى أن مقياس السمات الريادية ساعده على اكتشاف ميوله في مجال ريادة الأعمال، أما الطالب حمد الهنائي فقال إن التدريب الافتراضي في المنصة عزز جاهزيته للعمل، من خلال محاكاة واقعية مكنته من اكتساب خبرة عملية قبل التخرج.
ولم تقتصر الإشادات على الطلبة فقط، بل امتدت إلى أولياء الأمور. سالم البوسعيدي أعرب عن ارتياحه لتوجيه المنصة ابنه لاختيار التخصص الأنسب، بينما قالت منى الحراصية إن الاستشارات المهنية ساعدت ابنتها على اتخاذ قرار أكاديمي أكثر دقة. وأكد ناصر الرواحي أن المنصة ساعدت ابنه على فهم ميوله الفعلية ورسم مساره بثقة.
ويواصل البرنامج الوطني للتشغيل جهوده في تطوير منصة ”خُطى“، من خلال توسيع الخدمات، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات الأكاديمية والتدريبية، بما يواكب احتياجات السوق ويعزز كفاءة القوى العاملة الوطنية. وتشكل الحزمة الثانية من خدمات ”خُطى“ محطة مهمة في تطوير منظومة الإرشاد المهني في سلطنة عُمان، بما يحقق أهداف التنمية ويواكب تطلعات الشباب العُماني.